Tunisie Agriculture

إن الزراعة واحدة من أقدم الأنشطة التي قام بها البشر، و هي مصدر أساسي للحياة البشرية، و بمرور السنوات تتطور هذا القطاع و ظهرت العديد من التقنيات الحديثة و الالات التي ساعدت الفلاح في ممارسة عمله و كل ذلك من أجل تعزيز الإنتاج الفلاحي وتحقيق الأمن الغذائي. و شمل هذا التطور تغير مقومات الزراعة، التي كانت سابقا تفون بالأساس على توفر الأرض و التربة للزراعة و نمو المحاصيل، فاليوم أصبحت الزراعة في حد ذاتها مستحدثة لا تحتاج إلى التربة كغذاء أساسي للنبتة، حيث ظهر مطلح جديد يعرف بالزراعة المائية.

“المستقبل هو للزراعة المائية” هكذا كان رد الباحثين الذين شاركوا في مؤتمر “التكنولوجيا الخضراء سنة2021 الذي إنعقد بمدينة أمستردام الهولندية. فهذا المستقبل الذي يراه هؤلاء الباحثين يقلص من التحديات التي تطرحها الزراعة التقليدية، و بالتالي يسهل العمل الفلاحي، يعزز مردودية الإنتاج ويقدر على إطعام الملايين من الناس في العالم.

و تقوم الزراعة المائية، أو الزراعة بلا تربة على زرع البذور في محاليل مائية بمكونات معدنية خارج التربة. ولهذه التقنية عدة فوائد من أهمها زيادة الإنتاج بشكل كبير مقارنة بالطرق القديمة. و على عكس الزراعات التقليدية، فإن الزراعة المائية تتميز بعدم تأثرها لا بالمكان أو الأرض، ولا بالوقت أو المناخ، فهي تسمح لك بالزراعة أينما تريد و كيفنا تريج و قتما تريد. و هذه ميزة لا يمكن تحقيقها بالطرق التقليدية و هي التخلص من الإنتاج الموسمي، فمثلا يمكننا اليون أن نقطف الفراولة في شهر جانفي بفصل الشتاء، دون أن ننتظر حلول موسمها.

وفي ظل التغيرات المناخية التي أصبحت واحد من أكبر التحديات التي يواجهها القطاع الفلاخي فإن هذه الزراعة لا تتأثر بالطقس، فالفلاح هنا يستطيع التحكم في كل العوامل المساعدة على نمو المحاصيل مثل الإضاءة، الرطوبة، ودرجة الحرارة، مما يجعل الزراة المائية الحل الأمثل لمجابهة هذه العقبات

و على عكس ما قد يتوقعه البعض، فإن لهذا نوع من الزراعات عدة إيجابيات أخرى منها الإقتصاد في الماء مقارنة بالزراعات التقليدية التي تحتاج إلى تربة، وذلك بقدر يترواح بين 90 و 80 بالمائة. ففي الزراعة المائية يتم إعادة تدوير المياه في دورة مغلقة و إستخدامها مرات عديدة، عن طريق تكثيفها و إيصالها مرة أخرى للنباتات المزروعة.

و تقوم الزراعة المائية على زراعة الخضراوات الورقية مثل الخس و الحبق، كذلك الفلفل و الفراولة و الطماطم. وفي حين أن الطماطم يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء في الزراعات التقليدية، فإن الزراعة المائية للطماطم توفر حوالي 90 بالمائة من تلك المياه. و حتى مع تغير طريقة الزراعة يبقى هذا المنتوج محافظا على جودته و مذاقه المتميز وفي جانب اخر، فإن هذه الزراعة تقلل من نسبة حدوث الافات و الأمراض التي تضر بالنبتة و تؤثر على مردودية المحاصيل، فعادة تكوت الأمراض أغلبها متأتية من التربة مثل الباكتيريا و الفطريات. لذا فهي عموما أكثر صحة من نباتات المحاصيل التقليدية. هذا و إلى جانب إنخفاض كمية المعادن الثقيلة أو المبيدات الحشرية التي تتراكم في أنسجة النبات التي تزرع في التربة

و تحتض تونس 8 مشاريع للزراعة دون تربة تابعة للقطاع الخاص، إلى جانب مشروع نموذجي في محافظة منوبة و هو بالشراكة بين الإتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحرى و الإتحاد الأوروبي على مساحة تقدر ب600 متر مربع فيها زراعات الطماطم و الحبق.

و في الآونة الأخيرة أصبح الشباب التونسي أكثر وعيا بأهمية الزراعات المائية وناجعتها مما جعل العديد منهم يقبل على الزراعات بلا تربة فوق أسطح منزلهم، لمجابهة البطالة و توفير مورد رزق محترم، بإمكانيات بسيطة و سهلة,. وهذا يعني ايوم أن أي شخص مهتم بالقطاع الفلاحي، لا يحتاج إلى ملكية أرض و مصاريف كبيرة كي ينظم للقطاع و يساهم في الإ،تاج الغذائي.